الجمعة، 18 ديسمبر 2020

مقالات : طريق الموظف العام إلى الفساد

طريق الموظف العام إلى الفساد

ظافر بن عبدالله


 







يعد الفساد من الظواهر السيئة والقديمة جدا في مجتمعاتنا الإنسانية، والتي ذكرها القران الكريم من خلال قوله عز وجل: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ- صدق الله العظيم؛ وإلى يومنا هذا لا تزال هذه الظاهرة دارجه بمسميات عديدة وصور مختلفة، ومن أبرز تلك الصور في عصرنا هي صورة اساءة استعمال السلطة والتي تتمثل في استغلال النفوذ، حيث تندرج هذه الجريمة تحت الجرائم المتعلقة بالوظيفة العامة

إن المادة 17 من النظام الاساسي للدولة أكدت على أن  المواطنون جميعهم سواسية أمام القانون، وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامــة، ولا تميـيــز بينهـم في ذلك بسبـب الجنس أو الأصل أو اللون أو اللغة أو الـدين أو المذهب أو الموطن أو المركز الاجتماعي، وهذه رسالة واضحة صريحة على مضيء السلطة التنفيذية في إرساء دولة القانون والمؤسسات، ومن خلال أجهزة الدولة الرقابية ونصوصها التشريعية تؤكد على ردع وزجر كل من تسول له نفسه اختيار طريق الفساد.

إن إجتمعت سلطة النفوذ بأصحاب النفوس الضعيفة  وفي الأيادي الخاطئةاستخدموها بطريقة سيئة ظننا منهم بأنها الطريقة المثالية لتحقيق الأهداف وتلبية الرغبات والحاجيات تحت قاعدة (بأقل جهد وأقل مدة)، مما يجعلهميستغلون هذه النعمة بطريقة ضارة تنتج عنها اثار سلبية تمس أفراد المجتمع والنظام العام مما يجعلهم يقعون تحت طائلة مخالفة الأخلاق والقوانين أياكانت صفتهم.

استغلال النفوذ تشكل الصورة الشهيرة من جرائم إساءة استعمال الوظيفة العامة، وتكمن العلة من تجريمها في حماية الثقة في أعمال السلطات العامة ونزاهة الوظيفة العامة وشرفها، فهي تشكل تطبيقا من تطبيقات سلوك التجاوزات التي يقترفها الموظفين في حدود وظائفهم والتقصير في أدائه، وهي من جرائم الموظفين التي تقع على الإدارة العامة وبالتالي تتطلب أوصاف معينة (كتوافر الصفة الوظيفية، والاختصاص بالعمل الوظيفي)، ونظرا لكونها من الجرائم العمدية يكفي القصد العام القائم على عنصري العلم والإرادة لتحققها.

إن الموظف العام من أهم ركائز الدولة، فلا يمكن للدولة أن تقوم بدون العنصر البشري الذي يقوم بتسيّر أعمالها، فبهم تعبر الدولة عن إرادتها وتحقق سيادتها وكفائتها، لذلك واجب علينا أن نفعل الرقابة الذاتية قبل الرقابة الإدارية، مخلصين في اداء الواجب مهما كان، لأن أي خلل يعتري الموظف والوظيفة فإنها تطال الدولة و مرافقها وعلى سيادتها؛ فالفساد شكل من أشكال إنحراف السلطة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق